ظهر مصطلح الاندماج الوظيفي وتبلور خلال الثلاث عقود الماضية، ولا زال هنالك بعض التباين في تعريف وقياس الاندماج الوظيفي. الأ ان هذه المفاهيم ترتبط بكونها مشاعر داخلية وقناعات الموظف اتجاه جهة العمل. تتكون هذه المشاعر والقناعات كنتيجة لممارسات المنظمة وسياساتها، كذلك ممارسات المدراء وطبيعة علاقته معهم ومع زملاءه من حوله.
قياس أداء الموظفين شائك لمعظم المنظمات في العالم، والاندماج الوظيفي الذي يتمحور على استخدام نقاط القوّة لدى أفراد المنظمة له أثر كبير وإيجابي على المنظمة حسب الدراسة التي اجريت من جالوب في عام 2017 على 1,200,000 موظف في 45 دولة لـ 22 منظمة في 7 مجالات مختلفة، حيث ارتفعت المبيعات من 10% الى 19%، وارتفاع الأرباح من 14% الى 29%. لذا قياس أداء الموظفين قد لا يكون كافياَ، لأن من الممكن أن يكون ذوي الأداء العالي غير مندمجين بالتالي هنالك هدر في الموارد والطاقات قد لا نستشعرها، فماذا يعني أن يكون الموظف غير مندمج؟
لنتطرق الى تعريف ثلاثة فئات من الموظفين حسب تصنيف جالوب:
- الموظفين المندمجين (ENGAGED EMPLOYEES)
هم الموظفين المتعلّقين عاطفياَ ولديهم ولاء عالي تجاه منظماتهم
- الموظفين الغير مندمجين (NOT ENGAGED EMPLOYEES)
وهم الموظفين الذين يضعون أقل مجهود لأداء العمل، وليس لديهم تعلّق عاطفي بالمنظمة لذا نسب غيابهم أكثر واحتمال استقالته أكبر.
- الموظفين المنفصلين (ACTIVELY DISENGAGED EMPLOYEES)
وهم الموظفين الأكثر خطورة لأنهم يعملون عكس توجه المنظمة وينشرون الإحباط والسلبية في المنظمة، ولا تتعدى مشاركتهم حضورهم الجسدي، بل على العكس يصيبون المنظمة بالعدوى.
لا يعبر الاندماج الوظيفي عن الرضا الوظيفي أو السعادة، فالموظف الراضي قد لا يكون منتجاَ وليس بالضرورة انه يعمل بكامل طاقته، على عكس الموظف المندمج الذي يعمل بكامل طاقته لتحقيق رؤية ومهمة المنظمة التي يعمل بها، لذلك مؤخرَا اتجهت المنظمات الى الاندماج الوظيفي بدلا عن المفاهيم الأخرى كالرضا الوظيفي.
كثير من الناس سمعوا عن الاندماج الوظيفي ولكن لا يتمكنون من الإمساك أو تحديد طرف الخيط، ولتبسيط مفهوم الاندماج الوظيفي وليكون لدينا تطبيق عملي واسلوب ممنهج لتطبيق هذا المفهوم سأربطه بمفهوم معروفة لدى معضمنا وهو هرم ماسلو للاحتياجات الانسانيه. يمثل قاعدة هرم الاندماج الوظيفي الاحتياجات الاساسية للموظفين والتي تمكنهم من آداء أعمالهم، كحاجتهم الى المكان والموارد والمعلومات المناسبة. في المستوى الثاني للهرم تصبح الإحتياجات مرتكزة على الموظف ومدى احساسه بأنه مقدّر ويعامل بإحترام ويستطيع أن يقوم بأفضل ما لديه تجاه عمله. في المستوى التالي تصبح الإحتياجات متعلقة بشعوره بأنه جزء من المنظمة ويساهم بشكل واضح تجاه استراتيجيتها، وأنه محاط بأصدقاء يثقون به وتتعدى علاقتهم مستوى الزمالة. رأس الهرم يمثل احتياجات النمو والتقدم من خلال التعلم والتحديات.
اثبتت شركة جالوب الأمريكية للأبحاث بأن المنظمة التي تحقق اندماجاَ أعلى تحقق 17% انتاجية أعلى، 41% نسبة غياب أقل، 59% نسبة تسرب وظيفي أقل، 10% رضا أعلى للعميل.
عند مقارنة اندماج الموظفين في المملكة العربية السعودية بنسب الاندماج الوظيفي عالمياَ وحسب آخر تقرير صدر من جالوب لعام 2017م نجد الآتي:
الموظفين المندمجين | الموظفين الغير مندمجين | الموظفين المنفصلين | |
المملكة العربية السعودية | 17% | 62% | 21% |
في العالم | 44% | 44% | 12% |
لكي ننهض ونساهم في تحقيق رؤية 2030 لابد أن نعي أهمية الاندماج الوظيفي والأثر الذي يترتب على اهماله. كذلك معرفة أن كل منظمة تختلف في احتياجاتها عن المنظمات الأخرى، وذلك لأن احتياجات الموظفين متباينة حتى وان كانوا في منظمة واحدة. لذا لتأسيس برنامج متكامل يساهم في تعزيز اندماج الموظفين لابد أن تتوفر في هذا البرنامج النقاط التالية:
- دعم وقناعة من الإدارة العليا تجاه الاندماج الوظيفي وأهميته، ليس بالكلمات فقط ولكن بالأفعال كذلك.
- وضع استراتيجية للاندماج الوظيفي
- اختيار طريقة موثوقة ومعتمدة لقياس الاندماج الوظيفي، فدون قياس لا نستطيع ادارته وتطويره.
- توفير الأدوات والمهارات التي يحتاجها المدراء والموظفين لنقل الاندماج الى مستويات أفضل.
- خلق فهم واضح تجاه الاندماج الوظيفي والمسئوليات المتعلقة به في جميع المنظمة.
- خلق ثقافة عمل ملائمة لممارسات تعزز الاندماج الوظيفي وإزالة العوائق والسياسات المعارضة.
الاندماج الوظيفي ليس مبادرة نعمل عليها لمرة واحدة بل جزء من النشاطات اليومية كإتخاذ القرارات والتواصل مع الآخرين أو طريقة ادارتنا لحياتنا اليومية، وليس الاندماج الوظيفي مسئولية الإدارة العليا أو الموارد البشرية فقط، بل هو مسؤولية الجميع.
لذا تحتاج المنظمة وضع استراتيجية تركز على أعمدة الاندماج الوظيفي، والذي يجب توافرها في استراتيجية الاندماج الوظيفي حسب دليل الاندماج الوظيفي لشركة SnackNation. أعمدة الاندماج الوظيفي:
- القيم والغاية
- التواصل
- الصحة والعافية
- مكان العمل وبيئة العمل
- مسؤوليات واضحة
- العلاقات
- التقدير والحوافز
- قناعة المدراء
- التطور والنمو الشخصي
ختاما أود التنويه بأن الاندماج الوظيفي ليس شعارات تردد، وانما هو من اهم ركائز نجاح واستدامة ونمو المنظمة، والتحدي يكمن في تحويل الاندماج الوظيفي من مفهوم الى ثقافة يتبناها جميع أفراد المنظمة.