يعد التطوير التنظيمي امتدادا للمدرسة السلوكية التي اعتبرت نجاح المنظمات بإدارة سلوكيات المنظمة وتشمل جميع السلوكيات، القيم والاتجاهات التي يجلبها الافراد والقادة للمنظمة وبالتالي تصبح المكونة لثقافة التنظيم، فقد تجد منظمات اقل بيروقراطية وانفتاحا بحيث تجد راحة وشفافية بين منسوبيها بينما تجد منظمات اكثر ميلا للبيروقراطية والطبقية بحيث يتم تقدير الافراد بحسب الدرجة الوظيفة وينعدم التواصل والحوار بين منسوبيها ونحو ذلك، وعند النظر اكثر لهذه السلوكيات فيمكننا ان نستنتج ان سلوك القادة هو الموجه الأول لسلوك الافراد ولتغيير ثقافة التنظيم لابد من تغيير سلوك قادتها. وتختلف المنظمات في فهمها وتطبيقها للتطوير التنظيمي، قد تجد منظمات يجعلونها شاملة لجميع جوانب التطوير وآخرون يحدون من دورها ليشمل جوانب محدودة، ويعود ذلك لمستوى نضج المنظمات. ويمكن حصرها بالتالي:
تواجه المنظمات وممارسي مهنة التطوير التنظيمي تحديات كثيرة، ولعل أبرز تلك التحديات: التغيير المستمر في الاستراتيجيات والمنافسة الشديدة مع المنافسين ، ولذلك فان المنظمات تسعى لزيادة الإنتاجية او تخفيض التكاليف ولهذين الأمرين تأثير مباشر على تصميم الهياكل وتخطيط القوى العاملة ، فعندما تتغير الاستراتيجيات يجب تغيير طريقة العمل ، السياسات والإجراءات ،العلاقات ، القيم والسلوكيات ، الأنظمة التكنولوجية وبالتالي تغيير الهيكل التنظيمي الذي يترجم جميع ما تم ذكره الى هيكل تنظيمي يوضح المسؤوليات والعلاقات وطريقة العمل بالطريقة التي تضمن تحقيق الاستراتيجيات الجديدة، ويكمن التحدي الحقيقي في تغيير ثقافة التنظيم، فعلى سبيل المثال تقوم المنظمات بتحديد السلوكيات التي تعكس القيم الجديدة والتي يجب على كل فرد بالتنظيم اظهارها لتحقيق الاستراتيجيات الجديدة ولكن عند ظهور سلوك مقاوم للتغيير خاصة عند القادة فان المنظمات تضطر للاستغناء عن هؤلاء الافراد حتى وان كانوا أفراد فعالين وذلك لأنهم قد يؤثرون سلبا على باقي افراد التنظيم، وهناك ممارسات فعالة لتعميد السلوكيات المرغوبة في التنظيم ، فعلى سبيل المثال : تقدير العاملين الذين يظهرون السلوكيات المرغوبة بمنحهم مكافآت معنوية كشكرهم علنيا ومنحهم شهادات تقدير ، فكلما كان شكرهم علنيا كلما زاد من تشجيع الآخرين على اظهار السلوكيات المرغوبة، ولا يكفي اظهار القيم في جميع الرسائل الالكترونية والغير الالكترونية عند التواصل مع الافراد في التنظيم اذ تصبح القيم مجرد كلمات لا تعني شيئا ولا تلمس واقع الافراد في التنظيم، اذ لابد من تشجيع الافراد بإظهار السلوكيات بعكسها في مؤشرات الأداء بشكل منظم لضمان ارتباطها بالأهداف الوظيفية وأهداف المنظمة ، ولابد من عمل برامج تدريبية وتوعوية للسلوكيات المرغوبة ، وعند الانتهاء من الترغيب لابد من محاسبة من يظهر سلوكيات معاكسة للقيم وفي الغالب تكون تلك السلوكيات سلبية تؤثر على سمعة التنظيم داخليا وخارجيا.
ولعل أهم دور لممارسي التطوير التنظيمي هي إدارة التغيير، ولإدارة التغيير طرق ومناهج عملية ابتكروها العلماء لأهميتها، ومن الأخطاء الشائعة التي يقع فيها ممارسي التطوير التنظيمي عند التغيير هي عدم التواصل والحوار مع العاملين بإخبارهم عن التغيير وأهميته ودورهم فيه، اذ يقوم بعض الممارسين بصدم العاملين بالتغيير اذ يصبحون امام الأمر الواقع “هذا اللي صار سواء عجبكم او لا “،ولذلك تبعيات كثيرة فقد يؤدي الى احباط وتدني في الأداء ومن ثم التسرب الوظيفي والمنظمة هي الخاسر الوحيد عند حدوث ذلك، اذ يصبح ذلك نمط مكرر عند عمل أي تغيير مستقبلي وذلك لفقدان الثقة بين الأفراد والتنظيم.
وأخيرا يمكننا تلخيص التطوير التنظيمي: بجميع الجهود المبذولة والمخططة لزيادة فعالية المنظمة باستخدام العلوم السلوكية.